responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 122
[أَحْكَامِ النِّفَاسِ]
بَابُ طَهَارَةِ الْمَاءِ وَالثَّوْبِ وَالْبُقْعَةِ وَمَا يُجْزِئُ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ
وَالْمُصَلِّي يُنَاجِي رَبَّهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَأَهَّبَ لِذَلِكَ بِالْوُضُوءِ أَوْ الطُّهْرِ إنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الطُّهْرُ وَيَكُونُ ذَلِكَ بِمَاءٍ طَاهِرٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَاب طَهَارَة الْمَاء وَالثَّوْب وَالْبُقْعَة وَمَا يُجْزِئ مِنْ اللِّبَاس فِي الصَّلَاة]
بَابٌ فِي بَيَانِ طَهَارَةِ الْمَاءِ
هَذَا مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى الْمَوْصُوفِ أَيْ الْمَاءِ الطَّاهِرِ، وَكَانَ الْأَنْسَبُ الطَّهُورِيَّةُ بَدَلَ طَهَارَةِ، لِأَنَّ مَقْصُودَهُ بَيَانُ مَا يُرْفَعُ بِهِ الْحَدَثُ وَحُكْمُ الْخَبَثِ وَهُوَ الطَّهُورُ وَيُرَادِفُهُ الْمُطْلَقُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَأَمَّا الطَّاهِرُ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الطَّهُورِ، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا عَبَّرَ بِطَهَارَةِ لِأَجْلِ الْمَعَاطِيفِ، لِأَنَّ الثَّوْبَ وَالْمَكَانَ إنَّمَا يُوصَفَانِ بِالطَّهَارَةِ، لِأَنَّ الطَّهُورِيَّةَ مِنْ أَوْصَافِ الْمَاءِ فَقَطْ، وَحَقِيقَةُ الْمُطْلَقِ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ اسْمُ مَاءٍ بِلَا قَيْدٍ أَوْ تَقَوُّلٍ هُوَ الْبَاقِي عَلَى أَوْصَافِ خِلْقَتِهِ غَيْرُ مُسْتَخْرَجٍ مِنْ نَبَاتٍ وَلَا حَيَوَانٍ.
(وَ) فِي بَيَانِ طَهَارَةِ (الثَّوْبِ) وَهُوَ مَحْمُولُ الْمُصَلِّي (وَ) فِي بَيَانِ طَهَارَةِ (الْبُقْعَةِ) وَهِيَ مَحَلُّ قِيَامِ الْمُصَلِّي وَسُجُودِهِ أَوْ مَا تَمَاسُّهُ أَعْضَاؤُهُ.
(وَ) فِي بَيَانِ (مَا يُجْزِئُ) مُرِيدَ الصَّلَاةِ (مِنْ اللِّبَاسِ) وَقَوْلُهُ: (فِي الصَّلَاةِ) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ، وَجَمَعَ مَعَ طَهَارَةِ الْمَاءِ الثَّوْبَ وَالْبُقْعَةَ لِاحْتِيَاجِ الْمُصَلِّي إلَى الْجَمِيعِ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ بَدَنَ الْمُصَلِّي وَلَعَلَّهُ إنَّمَا تَرَكَهُ لِفَهْمِهِ مِنْ اشْتِرَاطِ طَهَارَةِ الثَّوْبِ وَالْبُقْعَةِ وَالتَّرْجَمَةُ لِهَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ لَا تُنَافِي الزِّيَادَةَ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي: وَقِلَّةُ الْمَاءِ مَعَ أَحْكَامِ الْغُسْلِ فَإِنَّهُ زَائِدَةٌ عَلَى التَّرْجَمَةِ وَالطَّهَارَةُ بِالْفَتْحِ مَصْدَرُ طَهُرَ بِضَمِّ الْهَاءِ أَوْ فَتْحِهَا لُغَةً النَّظَافَةُ وَالنَّزَاهَةُ مِنْ الْأَدْنَاسِ، وَتُسْتَعْمَلُ مَجَازًا فِي التَّنْزِيهِ مِنْ الْعُيُوبِ وَشَرْعًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا جَوَازَ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ بِهِ أَوْ فِيهِ أَوْ لَهُ، فَالْأُولَيَانِ مِنْ خَبَثٍ وَالْأَخِيرَةُ مِنْ حَدَثٍ، وَمَعْنَى حُكْمِيَّةٌ أَنَّهَا يُحْكَمُ بِهَا وَيُقَدَّرُ قِيَامُهَا بِمَحَلِّهَا، وَلَيْسَتْ مَعْنًى وُجُودِيًّا قَائِمًا بِمَحَلِّهِ، لَا مَعْنَوِيًّا كَالْعِلْمِ وَلَا حِسِّيًّا كَالسَّوَادِ وَالْبَيَاضِ. وَقَوْلُهُ بِهِ أَيْ بِمَلَابِسِهِ فَيَشْمَلُ الثَّوْبَ وَالْبَدَنَ وَالْمَاءَ وَكُلَّ مَا يَجُوزُ لِلْمُصَلِّي مُلَابَسَتُهُ، وَقَوْلُهُ فِيهِ يُرِيدُ بِهِ الْمَكَانَ، وَقَوْلُهُ لَهُ يُرِيدُ بِهِ الْمُصَلِّي وَهُوَ شَامِلٌ لِطَهَارَتِهِ مِنْ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ، إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ بَعْدُ وَالْأَخِيرَةُ مِنْ حَدَثٍ يَخُصُّهُ بِهِ، وَالضَّمِيرُ فِي بِهِ وَفِيهِ وَلَهُ عَائِدٌ عَلَى الْمَوْصُوفِ مِنْ قَوْلِهِ لِمَوْصُوفِهَا. وَمَعْنَى تُوجِبُ تُصَحِّحُ وَتُسَبِّبُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ أَحَدَ الْأَحْكَامِ، وَمَعْنَى جَوَازِ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ جَوَازُ طَلَبِ إبَاحَةِ الصَّلَاةِ شَرْعًا، لِأَنَّ طَلَبَ إبَاحَةِ الصَّلَاةِ مَعَ الْمَانِعِ غَيْرُ جَائِزٍ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ، وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ طَلَبُ دُخُولِ مَحَلٍّ بِغَيْرِ مِفْتَاحِهِ، فَإِذَا وَجَدَ مِفْتَاحَهُ جَازَ لَهُ طَلَبُ دُخُولِهِ، وَلَا يَرِدُ طَهَارَةُ الْمَيِّتِ وَطَهَارَةُ الذِّمِّيَّةِ مِنْ حَيْضِهَا لِيَجُوزَ لِزَوْجِهَا وَطْؤُهَا، وَالطَّهَارَةُ لِنَحْوِ زِيَارَةِ وَلِيٍّ، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ لَمْ تُوجِبْ لِمَوْصُوفِهَا جَوَازَ الصَّلَاةِ لِأَنَّا نَقُولُ: هِيَ طَهَارَةٌ شَرْعِيَّةٌ لَوْلَا مُقَارَنَةُ الْمَانِعِ لَهَا فِي الْأُولَيَيْنِ وَهُوَ الْمَوْتُ وَالْكُفْرُ وَلِعَدَمِ نِيَّةٍ وَقَعَ الْحَدَثُ فِي الْأَخِيرَةِ، وَلِذَلِكَ يَنْبَغِي لِمَنْ يَتَوَضَّأُ لِفِعْلِ أَمْرٍ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الطَّهَارَةِ نِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ لِيُبَاحَ بِوُضُوئِهِ الصَّلَاةُ وَغَيْرُهَا. وَأَمَّا الطُّهَارَةُ بِضَمِّ الطَّاءِ فَهِيَ فَضْلَةُ مَا يَتَطَهَّرُ بِهِ الْإِنْسَانُ
، وَأَمَّا الطَّهُورِيَّةُ وَهِيَ مِنْ خَوَاصِّ الْمَاءِ فَهِيَ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا كَوْنَهُ بِحَيْثُ يَصِيرُ الْمُزَالُ بِهِ نَجَاسَتُهُ طَاهِرًا، وَأَمَّا الطَّاهِرِيَّةُ فَهِيَ مُقَابَلَةُ النَّجَسِيَّةِ وَهِيَ أَعَمُّ لِصِدْقِهَا بِالطَّهُورِيَّةِ وَعَدَمِهَا وَهُوَ الطَّاهِرُ فَقَطْ، وَأَمَّا التَّطْهِيرُ فَهُوَ إزَالَةُ النَّجَسِ أَوْ رَفْعُ مَانِعِ الصَّلَاةِ، وَالْمُتَطَهِّرُ الْمَوْصُوفُ بِالطَّهَارَةِ الَّتِي هِيَ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ، وَالطَّاهِرُ ضِدُّ النَّجِسِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى النَّجَاسَةِ.
وَافْتَتَحَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْبَابَ بِبَعْضِ حَدِيثٍ تَبَرُّكًا بِهِ فَقَالَ: (وَالْمُصَلِّي يُنَاجِي) أَيْ يُسَارِرُ (رَبَّهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَأَهَّبَ) أَيْ يَتَهَيَّأَ (لِذَلِكَ) الْمَذْكُورِ مِنْ الْمُنَاجَاةِ وَالصَّلَاةِ (بِالْوُضُوءِ) إنْ كَانَ حَدَثُهُ أَصْغَرَ. (أَوْ الطُّهْرِ إنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الطُّهْرُ) بِأَنْ كَانَ حَدَثُهُ أَكْبَرَ، وَلَفْظُ الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ عَلَى النَّاسِ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَقَدْ عَلَتْ أَصْوَاتُهُمْ بِالْقِرَاءَةِ فَقَالَ: إنَّ الْمُصَلِّيَ يُنَاجِي رَبَّهُ فَلْيَنْظُرْ بِمَا يُنَاجِيه وَلَا يَجْهَرُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ» .
وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: مُنَاجَاةُ الْمُصَلِّي رَبَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ إحْضَارِ الْقَلْبِ وَالْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ، وَأَمَّا الْمُنَاجَاةُ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِعَبْدِهِ فَهِيَ إقْبَالُهُ عَلَى عَبْدِهِ بِالرَّحْمَةِ

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 122
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست